اقرأ في هذا الكتاب
وَامْتَلَأَ الْجَوُّ بِأَصْوَاتِ الْخَطَاطِيفِ، بَعْدَ أَنْ أَتَمَّتْ
رِحْلَتَهَا الطَّوِيلَةَ، وَعَادَتْ إِلَى وَطَنِهَا الْقَدِيمِ. وَجَاءَ
خُطَّافَانِ، فَوَقَفَتَا عَلَى مَخْزَنِ غِلَالٍ قَدِيمٍ مَهْجُورٍ نَسَجَتِ
الْعَنَاكِبُ بُيُوتَهَا فَوْقَ سَطْحِهِ. وَظَلَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
تَدَّعِي أَنَّ الْعُشَّ مِلْكٌ لَهَا وَحْدَهَا. فَقَالَتْ «أُمُّ هِنْدٍ» —
وَهِيَ، شَقْرَاءُ الرَّقَبَةِ، مُلْتَمِعَةُ الرِّيشِ: «لَيْسَ لِهَذَا
الْعُشِّ مِنْ صَاحِبٍ غَيْرِي. فَقَدْ وَصَلْتُ إِلَيْهِ قَبْلَكِ، وَلَا
حَقَّ لَكِ فِيهِ إِنَّهُ يُعْجِبُنِي، وَيَسُرُّنِي أَنْ أَعِيشَ فِيهِ.
وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى امْتِلَاكِهِ رَضِيتِ أَمْ أَبَيْتِ — فَهَلْ
تَفْهَمِينَ؟»
فَصَاحَتْ صَدِيقَتُهَا «أُمُّ سِنْدٍ» قَائِلَةً: «شَدَّ مَا ظَلَمْتِنِي
وَظَلَمْتِ نَفْسَكِ — يَا «أُمَّ هِنْدٍ» — وَلَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ وَلَا
مِنَ الْمُرُوءَةِ أَنْ تَغْتَصِبِي عُشِّي، بَغْيًا وَعُدْوَانًا. أَلَا
تَعْلَمِينَ أَنَّ ابْنَةَ عَمِّي — الَّتِي كُنَّا نُلَقِّبُهَا بِـ
«زَوَّارَةِ الْهِنْدِ» — قَدْ وَهَبَتْ لِي هَذَا الْعُشَّ قَبْلَ أَنْ
تَمُوتَ فِي رِحْلَتِهَا الْأَخِيرَةِ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق